للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢٣- قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ- الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ"١.

يُرِيدُ: الْعَبْدَ يَشْتَرِيهِ مُشْتَرِيهِ، فَيَسْتَغِلُّهُ حِينًا، ثُمَّ يَظْهَرُ عَلَى عَيْبٍ بِهِ، فَيَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ، أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا صَارَ إِلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ، وَهُوَ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، وَلَوْ مَاتَ، مَاتَ مِنْ مَالِهِ.

ثُمَّ رُوِّيتُمْ أَنَّهُ قَالَ: "مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَرَدَ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ" ٢.

قَالُوا: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ لَبَنِهَا غَلَّةٌ، وَلِأَنَّهُ كَانَا ضَامِنًا، لَوْ مَاتَتِ الشَّاةُ مَاتَتْ مِنْ مَالِهِ؛ فَهُوَ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ سَوَاءٌ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقًا بَيِّنًا؛ لِأَنَّ الْمُصراة٣ من


١ أخرجه أَبُو دَاوُد: بُيُوع ٧١، وَالتِّرْمِذِيّ: بُيُوع ٥٣، وَالنَّسَائِيّ: بُيُوع ١٥، وَابْن ماجة: تِجَارَات ٤٣، وَأحمد: ٦/ ٤٩ - ٢٠٨ - ٢٣٧.
٢ أخرجه البُخَارِيّ: بُيُوع ٦٥، وَمُسلم: بُيُوع ٢٣ - ٢٦ - ٢٨، وَأَبُو دَاوُد: بُيُوع ٤٣، وَالتِّرْمِذِيّ: بُيُوع ٢٩، وَالنَّسَائِيّ: بُيُوع ١٤، وَابْن ماجة: تِجَارَات ٤٣، والدارمي: بُيُوع ١٩، وَأحمد ٣/ ٢٤٨ - ٢٥٩ - ٢٧٣ - ٣١٧- ٣٨٦ -٣٩٤ - ٤٠٦ - ٤١٠ - ٤١٧ - ٤٢٠ - ٤٣٠ - ٤٦٣ - ٤٦٩- ٤٨١ - ٥٠٧، ٤/ ٣١٤، وجامع الْأَحَادِيث للسيوطي برقم ٢١٣٢٢ و٢١٣٣٣.
٣ وأصل التصرية: حبس المَاء، والمصراة من الْبَهَائِم: هِيَ الَّتِي حبس لَبنهَا لتبدو للْمُشْتَرِي غزيرة اللَّبن كَمَا ذكر الْمُؤلف رَحمَه الله.

<<  <   >  >>