للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢١- قَالُوا: حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ- التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنْ أَبِي ذَرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "مَنْ تَقَرَّبَ إليَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" ١.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: مَنْ أَتَانِي مُسْرِعًا بِالطَّاعَةِ، أَتَيْتُهُ بِالثَّوَابِ أَسْرَعَ مِنْ إِتْيَانِهِ، فَكَنَّى عَنْ ذَلِكَ بِالْمَشْيِ وَبِالْهَرْوَلَةِ.

كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ مُوضِعٌ فِي الضَّلَالِ -وَالْإِيضَاعُ: سَيْرٌ سَرِيعٌ- لَا يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ يَسِيرُ ذَلِكَ السَّيْرَ، وَإِنَّمَا يُرَادُ أَنَّهُ يُسْرِعُ إِلَى الضَّلَالِ، فَكَنَّى بِالْوَضْعِ عَنِ الْإِسْرَاعِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} ٢، وَالسَّعْيُ: الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ، وَلَيْسَ يُرَادُ أَنَّهُمْ مَشَوْا دَائِمًا، وَإِنَّمَا يُرَادُ: أَنَّهُمْ أَسْرَعُوا بِنِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَالله أعلم.


١ البُخَارِيّ: تَوْحِيد ١٥، ٥٠، وَمُسلم: ذكر ٢٠، ٢١، ٢٢، تَوْبَة: ١، التِّرْمِذِيّ: دعوات ١٣١، وَابْن ماجة: أدب ٥٨، وَأحمد: ٢/ ٤١٣ - ٤٣٥ - ٤٨٠ - ٤٨٢ - ٥٠٩ - ٥٢٤ - ٥٣٤، ٣/ ٤٠ - ١٢٢ - ١٣٠ - ٣٧٣، ٥/ ١٥٣ - ١٥٥ - ١٦٩ - ٣٥١.
٢ الْآيَة: ٥١ من سُورَة الْحَج.

<<  <   >  >>