٢٠- قَالُوا حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ "سَبُّ الدَّهْرِ"
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الدَّهْرُ" ١، فَوَافَقْتُمْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، الدَّهْرِيَّةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ تَقُولُ: "أَصَابَنِي الدَّهْرُ فِي مَالِي بِكَذَا" وَنَالَتْنِي قوارع الدَّهْر وبواثقه وَمَصَايِبُهُ".
وَيَقُولُ الْهَرَمَ: "حَنَانِي٢ الدَّهْرُ"، فَيَنْسُبُونَ كُلَّ شَيْءٍ تَجْرِي بِهِ أَقْدَارُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِمْ، مِنْ مَوْتٍ، أَوْ سَقَمٍ، أَوْ ثَكَلٍ، أَوْ هَرَمٍ، إِلَى الدَّهْرِ.
وَيَقُولُونَ: لَعَنَ اللَّهُ هَذَا الدَّهْرَ، وَيُسَمُّونَهُ الْمَنُونَ، لِأَنَّهُ جَالِبُ الْمَنُونِ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُمْ، وَالْمَنُونُ: الْمَنِيَّةُ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ٣:
أَمِنَ الْمَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ ... وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
هَكَذَا أَنْشَدَنِيهِ الرِّيَاشِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنِ بن أبي
١ أخرجه أَحْمد: ٥/ ٢٩٩ - ٣١١، والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ بِنَحْوِهِ، انْظُر اللُّؤْلُؤ والمرجان رقم ١٤٤٩، وهنالك مَكَانَهُ من الصَّحِيحَيْنِ.٢ حناني الدَّهْر: أَي عطفني فانحنيت، أَي بقوارعه ومصائبه.٣ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذلِيّ: خويلد بن خالج بن محرث، من بني هُذَيْل بن مدركة من مُضر، شَاعِر فَحل مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَسكن الْمَدِينَة واشترك فِي الْغَزْو والفتوح. قَالَ الْبَغْدَادِيّ: هُوَ أشعر هُذَيْل من غير مدافعة توفّي ٢٧هـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute