١٢- قَالُوا حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ- عَجَبُ الرَّبِّ وَضَحِكُهُ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكُمْ وَقُنُوطِكُمْ، وَسُرْعَةِ إِجَابَتِهِ إِيَّاكُمْ"١ و"ضحك مِنْ كَذَا".
وَإِنَّمَا يَعْجَبُ وَيَضْحَكُ، مَنْ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ يَعْلَمُ فَيَعْجَبُ وَيَضْحَكُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الْعَجَبَ وَالضَّحِكَ، لَيْسَ عَلَى مَا ظَنُّوا، وَإِنَّمَا هُوَ "عَلَى حَلٍّ عِنْدَهُ كَذَا، بِمَحَلِّ مَا يَعْجَبُ مِنْهُ، وَبِمَحَلِّ مَا يَضْحَكُ مِنْهُ".
لِأَنَّ الضَّاحِكَ إِنَّمَا يَضْحَكُ لِأَمْرٍ مُعْجِبٍ لَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِيِّ الَّذِي ضَافَهُ ضَيْفٌ، وَلَيْسَ فِي طَعَامِهِ فَضْلٌ عَنْ كِفَايَتِهِ، فَأَمَرَ امْرَأَتَهُ بِإِطْفَاءِ السِّرَاجِ لِيَأْكُلَ الضَّيْفُ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّ الْمُضِيفَ لَهُ لَا يَأْكُل.
١ أخرج ابْن ماجة الحَدِيث فِي الْمُقدمَة بَاب "١٣" برقم ١٨١ بِلَفْظ: عَن وَكِيع بن حرس عَن عَمه أبي رزين قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "ضحك رَبنَا من قنوط عباده وَقرب غَيره" قَالَ: قَلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَو يضْحك الرب؟ قَالَ: "نعم" قلت: لن نعدم من رب يضْحك خيرا."والقنوط" كالجلوس وَهُوَ الْيَأْس، "غَيره" الْغَيْر بِمَعْنى تعير الْحَال وَهُوَ اسْم من قَوْلك غيرت الشرء فَتغير حَاله من الْقُوَّة إِلَى الضعْف وَمن الْحَيَاة إِلَى الْمَوْت. وَالْمعْنَى أَن الله تَعَالَى يضْحك من أَن العَبْد يصير مأيوسًا من الْخَيْر بِأَدْنَى شَرّ وَقع عَلَيْهِ مَعَ قرب تَغْيِيره تَعَالَى الْحَال من شَرّ إِلَى خير.والإل: مشدة الْقنُوط، وَيجوز أَن يكون من رفع الصَّوْت بالبكاء، وَذكر فِي الْقَامُوس فِي مَعَاني الإل: الْجزع عِنْد الْمُصِيبَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute