قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَالسُّنَنُ -عِنْدَنَا- ثَلَاثٌ: "الْأُولَى" سُنَّةٌ أَتَاهُ بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، كَقَوْلِهِ: "لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ على عَمَّتهَا وخالتها" ١، و "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ، مَا يَحْرُمُ من النّسَب" ٢.
و"لَا تحرم المصة وَلَا المصتان" ٣، و"الدِّيَة عَلَى الْعَاقِلَةِ" ٤ وَأَشْبَاهُ هَذِهِ مِنَ الْأُصُول.
و"السّنة الثَّانِيَةُ" سُنَّةٌ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَسُنَّهَا، وَأَمَرَهُ بِاسْتِعْمَالِ رَأْيِهِ فِيهَا فَلَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ فِيهَا لِمَنْ شَاءَ، عَلَى حَسَبِ الْعِلَّةِ وَالْعُذْرِ، كَتَحْرِيمِهِ الْحَرِيرَ عَلَى الرِّجَالِ، وَإِذْنِهِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِيهِ، لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ.
وَكَقَوْلِهِ فِي مَكَّةَ: "لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا"٥.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ٦ فَإِنَّهُ لِقُيُونِنَا٧ فَقَالَ: "إِلَّا الْإِذْخِرَ".
وَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ جَمِيعَ شَجَرِهَا، لَمْ يَكُنْ يُتَابَعُ الْعَبَّاسُ عَلَى مَا أَرَادَ، مِنْ إِطْلَاقِ الْإِذْخِرِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ أَنْ يُطْلِقَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَآهُ صَلَاحًا، فَأَطْلَقَ الْإِذْخِرَ لِمَنَافِعِهِمْ.
١ سبق تَخْرِيجه ص٢٨١.٢ سبق تَخْرِيجه ص٢٨١.٣ أخرجه مُسلم: وَضاع ١٧، ٢٠، ٢٣، وَأَبُو دَاوُد: نِكَاح ١٠، وَالتِّرْمِذِيّ: رضَاع ٣، وَالنَّسَائِيّ: نِكَاح ٥١، وَابْن ماجة: نِكَاح ٣١، والدرامي: نِكَاح ٨، وَأحمد: ١/ ٧٨، ٣٧٢.٤ أخرجه التِّرْمِذِيّ: كتاب ١٤ بَاب ١، وَابْن ماجة: كتاب ٢١ بَاب ٧.٥ أخرجه البُخَارِيّ: جنائز ٧٧، ٧٦، علم ٣٩، صيد ٩-١٠ بُيُوع ٢٨، لقطَة، جِزْيَة ٢٢ مغازي ٥٣، ديات ٨، وَمُسلم: حج ٤٤٥، والدرامي: بُيُوع ٦٠، وَأحمد ١/ ١١٩، ٢٥٣، ٢٥٩، ٢١٦-٣١٨-٣٤٨. وَالنَّسَائِيّ: حج ١١٠.٦ الْإِذْخر: نَبَات طيب الرَّائِحَة تسقف بِهِ الْبيُوت فَوق الْخشب.٧ القيون: جمع فين وَهُوَ الْحداد والصائغ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute