شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ} فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ. . . (١).
وَكَذَلِكَ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ قَدْ يُرَادُ بِهَا مَا أَخْبَرَ بِهَا الشَّارِعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ صِفَاتٌ لِلْفِعْلِ؛ وَأَنَّ الشَّارِعَ بَيَّنَهَا وَكَشَفَهَا. وَمِنْهَا مَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ ضَرُورَةً أَوْ نَظَرًا؛ وَمِنْهَا مَا يُعْلَمُ بِهِمَا وَيُسَمَّى الْجَمِيعُ أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً أَوْ تَخُصُّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ بِمَا لَمْ يُسْتَفَدْ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مَا أَثْبَتَهَا الشَّارِعُ وَأَتَى بِهَا وَلَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بِدُونِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ حَكَمَ لَهُ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ مَا أَتَى بِهِ الشَّارِعُ وَهَذَا قَوْلُ الْأَشْعَرِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ قَدْ يُقَالُ: الْحُكْمُ هُوَ خِطَابُ الشَّارِعِ وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ مِنْهُ؛ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مُقْتَضَى الْخِطَابِ وَمُوجِبِهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ وَالْحُرْمَةُ مَثَلًا. وَقَدْ يُقَالُ: الْمُتَعَلِّقُ الَّذِي بَيْنَ الْخِطَابِ وَالْفِعْلِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ يَنْطَبِقُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ يُقَالُ: عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ وَعَلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْخِطَابِ وَمُقْتَضَاهُ وَهَذَا كَمَا قُلْنَاهُ فِي الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَتَدَبَّرْ هَذِهِ الْأُصُولَ الثَّلَاثَةَ: الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ وَالْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ وَالشَّرِيعَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
آخِرُ الْمُجَلَّدِ الْتَاسِعِ عَشْرَ(١) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute