أما ابتغاء الآخرة فهي خصيصة هامة, وتأخيرها لا يقلل من أهميتها, وابتغاء الآخرة يخفف كثيرًا من غلواء الأنظمة القائمة التي تتعامل وكأنه ليس في الحياة إلّا المادة, وكأن ليس بعد الدنيا آخرة يحاسب فيها المرء {فَأَمَّا مَنْ طَغَى، وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ١.
وهكذا يتضح وضع الاقتصاد, إن الاهتمام به واجب, لكنه لا يلهي عن الأخرة؛ لأنه نفسه طريق إلى الآخرة, وإذا ابتغى الإنسان الآخرة في اقتصاده؛ فردًا كان أو دولةً, وسار على الطريق الذي رسمه الإسلام, فإنه بلا شكٍّ يؤدي إلى عبادة من أجَلِّ العبادات؛ لأن العبادات ليست قاصرةً على النسك والتعبد, إنما تشمل كل أنشطة الحياة وكل مجالاتها٣.
١ النازعات ٣٧-٤١. ٢ القصص ٧٧. ٣ راجع "الإيمان الحق", الدكتور علي جريشة.