وإذا أردنا أن نحدد المواقف بصورة أدق فإننا نستطيع النظر من جهة أخرى، إلى مواقف الناس من الصفات، من حيث رأي الفرق المشهورة، وهم: الفلاسفة والمعتزلة والأشعرية ومن وافقهم.
أولاً: مذهب الفلاسفة:
يرى الفلاسفة أن الله تعالى واجب الوجود بذاته ـ كما رأينا في الفصل الثاني ـ بناءً على طريقتهم في التقسيم إلى ممكن وواجب ـ ويرون أنه واحد من كل وجه. قال ابن سينا:
"إن واجب الوجود واحد بحسب تَعيُّن ذاته، وإن واجب الوجود لا يقال على كثرة أصلاً" ١. وقال:"واجب الوجود لا يشارك شيئاً من الأشياء في ماهية ذلك الشيء، ... وأما الوجود فليس بماهية لشيء" ٢. وقوله:"وأما الوجود فاحتراز لئلا يقال هو مشارك للإنسان في صفة الوجود. وبناءً على ذلك قال ابن سينا: "الأول لا ند له ولا ضد ولا جنس له ولا فصل له ولا إشارة إليه إلا بصريح العرفان العقلي" ٣. وأيضاً: "الأول معقول الذات قائمها، فهو قيوم بريء من العلائق والعُهَد والمواد، وغيرها مما يجعل الذات بحال زائدة. وقد علم أن ما هذا حكمه فهو عاقل لذاته، معقول لذاته ... " ٤ ولأنه"لا واجب وجود غيره" ٥ نفوا عنه الصفات وقالوا إنه عالم بذاته، ليس زائداً على ذاته ٦. وله إرادة لا تزيد على ذاته ٧. وحتى نستطيع أن نفهم ذلك جاءت الآيات على وجه التمثيل
١ الإشارات (٣/ ٤٤) ٢ المصدر نفسه (٣/ ٤٩ ـ ٥٠) ٣ المصدر نفسه (٣/ ٥٣) ٤ المصدر نفسه (٣/ ٥٣) ٥ المصدر نفسه (٣/ ٣٦) ٦ انظر: الغزالي: مقاصد الفلاسفة (ص: ٢٢٥) ط. دار المعارف، الثانية، ت: سليمان دنيا. ٧ انظر: الغزالي: المصدر نفسه (ص: ٢٣٥)