للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- النفي عدم، والعدم ليس بشيء فضلاً عن أن يكون كمالاً.

- ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية المحل له فلا يكون كمالاً كما لو قلت: الجدار لا يظلم (١) .

- وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصاً (٢) كما في قول الشاعر:

قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل

وقول لآخر:

لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب*ليسوا من الشر في شيء وإن هانا (٣)

مثال ذلك: قوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: ٥٨] فنفى الموت عنه يتضمن كمال حياته.

مثال آخر: قوله تعالى: {ولا يظلم ربك أحداً} [الكهف: ٤٩] نفى الظلم عنه يتضمن كمال عدله.

مثال ثالث: قوله تعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض} [فاطر: ٤٤] فنفى العجز عنه يتضمن كمال علمه وقدرته ولهذا قال بعده: {إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: ٤٤] لأن العجز سببه إما الجهل (٤)

بأسباب الإيجاد وإما قصور القدرة عنه فلكمال علم الله تعالى وقدرته لم يكن ليعجزه شيء في السموات ولا في الأرض


(١) فإن هذا ليس مدحاً لأن الجدار لا يقبل الظلم.
(٢) ذكر ذلك المؤلف في تقريب التدمرية ص ٥٢ قال: ان النفي إن لم يتضمن كمالاً - فقد يكون لنقص الموصوف لعجزه عنه كما لو قيل عن شخص عاجز عن الانتصار لنفسه ممن ظلمه: " إنه لا يجزي السيئة بالسيئة " فإن نفي مجازاته السيئة بمثلها ليس لكمال عفوه ولكن لعجزه عن الانتصار لنفسه حينئذ يكون نفي ذلك عنه نقصاً وذماً لا كمالاً ومدحاً.
وانظر شرح الطحاوية ص ٥٣.
(٣) قد ذكرنا تحقيق هذين البيتين والخلاف فيهما ومحل الشاهد في الملحق.
(٤) ... ذكر المؤلف أن سبب العجز هو:
أ- ... الجهل بأسباب الإيجاد.

ب- ... قصور القدرة عن الإيجاد

<<  <   >  >>