للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الثانية

باب الصفات أوسع من باب الأسماء

وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة كما سبق في القاعدة الثالثة من قواعد الأسماء ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى وأفعاله لا منتهى لها كما أن أقواله لا منتهى لها قال الله تعالى: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} (١)

[لقمان: ٢٧] .


(١) قال السعدي في تفسيره (٤/١١٤) :
{ولو ان ما في الأرض من شجرة أقلام} يكتب بها {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} مداداً يستمد بها، لتكسرت تلك الأقلام ولفنى ذلك المداد و {ما نفدت كلمات الله} وهذا ليس مبالغة لا حقيقة له بل لما علم تبارك وتعالى ان العقول تتقاصر عن الإحاطة ببعض صفاته وعلم تعالى أن معرفته لعباده أفضل نعمة أنعم بها عليهم، وأجل منقبة حصلوها وهى لا تمكن على وجهها ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله فنبههم تعالى على بعضها تنبيهاً تستنير به قلوبهم، وتنشرح له صدورهم ويستدلون بما وصلوا إليه إلى ما لم يصلوا إليه ويقولون كما قال أفضلهم وأعلمهم بربه: " لا نحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " وإلا فالأمر أجل من ذلك وأعظم. وهذا التمثيل من باب تقريب المعنى الذي لا يطاق الوصول به إلى الأفهام والأذهان وإلا فالأشجار وإن تضاعفت على ما ذكر أضعافاً كثيرة والبحور لو امتدت بأضعاف مضاعفة فإنه يتصور نفادها وانقضاؤها لكونها مخلوقة.

وأما كلام الله تعالى، فلا يتصور نفاده بل دلنا الدليل الشرعي والعقلي على أنه لا نفاد له ولا منتهى فكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته: {وأن إلى ربك المنتهى} وإذا تصور العقل حقيقة أوليته تعالى وآخريته وأن كل ما فرضه الذهن من الأزمان السابقة مهما تسلسل الفرض والتقدير فهو تعالى قبل ذلك إلى غير نهاية وأنه مهما فرض الذهن والعقل من الأزمان المتأخرة وتسلسل الفرض والتقدير وساعد على ذلك من ساعد بقلبه ولسانه فالله تعالى بعد ذلك إلى غير غاية ولا نهاية والله في جميع الأوقات يحكم ويتكلم ويقول ويفعل كيف أراد وإذا أراد لا مانع له من شيء من أقواله وأفعاله فإذا تصور العقل ذلك عرف أن المثل الذي ضربه الله لكلامه ليدرك العباد شيئاً منه وإلا فالأمر أعظم وأجل ا. هـ

<<  <   >  >>