للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله عن موسى: {في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى} (١)

[فاطر: ٤٤] وقوله: {وما كان الله ليعجزه (٢) من شيء في السموات ولا في الأرض} [طه: ٥٢] وقوله: {أم يحسبون أنا لا نسمع (٣) سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [الزخرف: ٨٠] وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور " (٤) وقال: " أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً " (٥)


(١) قال ابن فارس في " مجمل اللغة " (٤/٨٦٦) : " النسيان: الترك، قال الله جل وعز: {نسوا الله فنسيهم} " ا. هـ
وسئل الشيخ ابن عثيمين في " مجموع فتاوى ورسائل " (٣/٥٤-٥٦/رقم ٣٥٤) السؤال التالي: هل يوصف الله تعالى بالنسيان؟
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله: " للنسيان معنيان:
أحدهما: الذهول عن شيء معلوم، مثل قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} " ومثل الآية التي أتى بها المؤلف هنا ثم قال: " وعلى هذا فلا يجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال.
والمعنى الثاني للنسيان: الترك عن علم وعمد مثل قوله تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} الآية، ومثل قوله تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً} على أحد القولين وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل، قال الله تعالى: {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم} .
وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه.

وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين وإن شاركه في أصل المعنى، كما هو معلوم عند أهل السنة: ا. هـ باختصار.
(٢) الشاهد من الآية أن الله نفى عن نفسه العجز.
(٣) الشاهد أن الله نفى عن نفسه الصمم.
(٤) رواه البخاري برقم (٧١٣١) كما في طبعة التوشيح شرح الجامع الصحيح للسيوطي (٩/٤١٥٠) .
ورواه مسلم برقم (٢٨٢٥) كما في طبعة المفهم للقرطبي (٧/٦٧)
والشاهد من الحديث نفي العمى عن الله.
وقال القرطبي في المفهم (٧/٢٦٧) :
الله ليس بأعور وهذا تنبيه للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصاً في ذاته، عاجزاً عن إزالة نقصه، لم يصلح لأن يكون إلهاً لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزاً عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفع غيره وعن مضرته.
(٥) ... رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٢٠٥) كما في الفتح (٧/٥٣٧) ، ورواه مسلم في =

<<  <   >  >>