والزم من أحبائه بقبوله فَقبل وَاسْتقر في الْمحرم سنة ٨٢٧ بعد أَن كَانَ عرض عَلَيْهِ قبل ذَلِك وَهُوَ يَأْبَى وتزايد ندمه على الْقبُول لعدم فرق أَرْبَاب الدولة بَين الْعلمَاء وَغَيرهم ومبالغتهم فِي اللوم لرد إشاداتهم وإن لم تكن على وفْق الْحق واحتياجه لمداراة كَبِيرهمْ وصغيرهم بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ مَعَ ذَلِك الْقيام بِمَا يرومونه وَصرح بِأَنَّهُ جنى على نَفسه بذلك وَلم يلبث أَن صرف ثمَّ أُعِيد وَلَا زَالَ كَذَلِك إِلَى أَن أخْلص فِي الإقلاع عَنهُ عقب صرفه فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ٨٥٢ وَجَمِيع مدد قَضَائِهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة وزهد في الْقَضَاء زهداً كَبِيرا لِكَثْرَة مَا توالى عَلَيْهِ من المحن والأنكاد بِسَبَبِهِ وَصرح بِأَنَّهُ لم يبْق في بدنه شَعْرَة تقبل اسمه وَقد درّس بمواطن مُتعَدِّدَة واشتهر ذكره وَبعد صيته وارتحل اليه الْعلمَاء وتبجح الْأَعْيَان بلقائه وَأخذ عَنهُ وَأخذ النَّاس عَنهُ طبقَة بعد طبقَة وَألْحق الأصاغر بالأكابر وامتدحه الْكِبَار وتبجح فحول الشُّعَرَاء بمطارحته وَاسْتمرّ على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ في أَوَاخِر ذى الْحجَّة سنة ٨٥٢ اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثمان مائَة وَكَانَ لَهُ مشْهد لم ير مثله من حَضَره من الشُّيُوخ فضلاً عَمَّن دونهم وشهده أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالسُّلْطَان فَمن دونهمَا وَقدم الْخَلِيفَة للصَّلَاة عَلَيْهِ وَدفن تجاه تربة الديلمي بالقرافة وتزاحم الْأُمَرَاء والكبراء على حمل نعشه
٥٢ - أَحْمد بن علي بن هادي النهمي ثمَّ الصنعانى
ولد سنة ١١٣٠ ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف وَنَشَأ بِصَنْعَاء واتصل بالإمام المهدي الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن قبل أَن يلي الْخلَافَة وَبعد أَن ولي الْخلَافَة جعله الْوَزير الْأَعْظَم وَاسْتمرّ وزيراً حَتَّى مَاتَ وَكَانَ صَادِق اللهجة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute