وقال ابن زيد -رحمه الله-: معناه حملت أمرا عظيما فيه محاربة العرب والعجم فاصبر عليه لله عز وجل. وقيل: فاصبر تحت موارد القضاء لأجل الله (١).
وأما قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣)}، قال مجاهد -رحمه الله-: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم.
وقال قتادة -رحمه الله-: وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيدًا، لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء. (٢)
وأما قوله تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)}، فقوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)}، يتحدث عن الملائكة كما ما ثبت في الأحاديث، وقول أكثر علماء التفسير.
فعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رهطاً من اليهود سألوا رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن خزنة جهنم، قال: «الله ورسوله أعلم، فجاء الرجل فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت عليه: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)}» (٣).
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل يعلم نبيكم كم عدد خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأله، فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد، غلب أصحابك اليوم. قال:«وبم غلبوا؟» قال: سألهم يهود: هل يعلم نبيكم كم عدد خزنة جهنم؟ قال:«فما قالوا؟» قال: قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا. قال: أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون؟ فقالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا، لكنهم قد سألوا نبيهم، فقالوا: أرنا الله جهرة، علي بأعداء الله، إني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك (٤)، فلما جاءوا قالوا: يا أبا القاسم، كم عدد خزنة جهنم؟ قال:«هكذا وهكذا في مرة عشرة، وفي مرة تسعة»، قالوا:
(١) تفسير البغوي، (٥/ ١٧٤). (٢) ينظر: تفسير الطبري، (٢٣/ ١٩). (٣) رواه ابن أبي خاتم في تفسيره، ح (١٩٠٣٩)، (١٠/ ٣٣٨٣)، والبيهقي في البعث والنشور، ح (١٠٤٠)، ص (٦٦٥). (٤) الدرمك: الدقيق النقي، وقيل هو الذي يُدرمك حتى يكون دقاقا من كل شيء كالدقيق والكحل. ينظر: تهذيب اللغة، الأزهري، (١٠/ ٢٣٣)، وغريب الحديث، ابن الجوزي، (١/ ٣٣٤).