سادساً: أن لفظ الجنود في القرآن لفظ شرعي وقد جاء على صنفين:
الصنف الأول: المنسوبون إلى الله، وهم على قسمين:
القسم الأول: هم الملائكة كما ورد في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}[المدثر: ٣١]، وقد ذكرهم الله في آية أخرى كما قال تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦)} [التوبة: ٢٦]، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يعني الملائكة (١).
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩)} [الأحزاب: ٩]، قال الطبري -رحمه الله-: هي الملائكة التي ذكرتُ في الأخبار التي قد مضى ذكرها (٢)، وهذا ما ذكره أيضاً ابن أبي حاتم -رحمه الله- في تفسيره (٣)، وابن زمنين -رحمه الله- في تفسيره (٤)، والثعلبي -رحمه الله- في تفسيره (٥)، والواحدي -رحمه الله- في تفسيره (٦)، والسمعاني في تفسيره (٧)، وذكر مثل ذلك كثير من أهل العلم والتفسير.
وقد تقدم ذكر أن الجنود في قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}[المدثر: ٣١]، هم الملائكة.
القسم الثاني: الأنس المؤمنون كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)} [الصافات: ١٧٣].
الصنف الثاني: المنسوبون إلى غير الله، وهم على أربعة أقسام:
القسم الأول: قوم فرعون كما في قوله تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤)} [الدخان: ٢٣].
(١) ينظر: تفسير الوسيط، الواحدي، (٢/ ٤٨٨)، وزاد المسير، (٢/ ٢٤٧). (٢) تفسير الطبري، (١٤/ ١٨٩). (٣) تفسير القرآن العظيم، (٦/ ١٧٧٤). (٤) تفسير القرآن العزيز، (٢/ ٢٠٠). (٥) الكشف والبيان عن تفسير القرآن، (٥/ ٢٦). (٦) الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، (١/ ٤٥٩). (٧) تفسير القرآن، (٢/ ٢٩٩).