وَقَدْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِقْهِيٌّ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي حَيَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِينَ اجْتَهَدُوا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وآله وسلم -: (لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ) [الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ] فَصَلَّاهَا بَعْضُهُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا الْبَاقَونَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ أَنْ فَاتَ وَقْتُهَا، وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْفَرِيقَيْنِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ، وَهَذا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ يَتَعَدَّدُ فِي الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ.
قَالَ مَسْرُوقٌ: انْتَهَى الْعِلْمُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: عَالِمٍ بِالْمَدِينَةِ، وَعَالِمٍ بِالشَّامِ، وَعَالِمٍ بِالْعِرَاقِ؛ فَعَالِمُ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَالِمُ الْعِرَاقِ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَالِمُ الشَّامِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا الْتَقَوْا سَأَلَ عَالِمُ الشَّامِ وَعَالِمُ الْعِرَاقِ عَالِمَ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَسَأَلْهُمَا (١).
ـ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَفِي الْحَدِيثِ: (رَضِيتُ لِأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ) يَعْنَي: ابْنَ مَسْعُودٍ، [أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ]. وَبَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْكُوفَةِ.
رَوَى حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: (أَمَّا بَعْدُ) فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّارًا أَمِيرًا وَعَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَاضِيًا وَوَزِيرًا، وَإِنَّهُمَا مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَمِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَاسْمَعُوا لَهُمَا وَأَطِيعُوا فَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِمَا عَلَى نَفْسِي (٢).
(١) طبقات الفقهاء للشيرازي ص ٤٢.(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٦/ ٨٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute