وذكر الحَاكِمُ والبَيْهَقِيُّ وغيرهما (٢) من حديث عبد الله بن إدريس، عن شُرَحْبيْل بن مسلم، عن أبي أُمامةَ، عن هشام بن العاص، قال: ذهبت أنا ورجل آخر من قريش إلى هِرَقْل -صاحب الروم- ندعوه إلى الإسلام، فخرجنا حتى قدمنا غوطةَ دِمَشْقَ، فنزلنا على جَبَلَةَ بنِ الأَيْهَم الغَسَّاني، فدخلنا عليه فإذا هو على سرير له، فأرسل إلينا برسول نكلِّمه، فقلنا: لا والله لا نكلِّم رسولًا، إنا بُعِثنا إلى الملك، فإن أذِنَ لنا كلَّمناه وإلا لم نكلِّم الرسول، فرجع إليه الرسولُ فأخبره بذلك، قال: فأذِنَ لنا، فقال: تكلَّمُوا، فكلَّمه هشام بن العاص ودعاه إلى الإسلام، وإذا عليه ثياب سوداء (٣)، فقال له هشام: وما هذه التي عليك؟ فقال: لبستُها وحلفتُ أن لا أنزعها حتى أُخْرِجَكم من الشام. قلنا: ومجلسك هذا فواللهِ لنأخذنَّه منك، ولنأخذنَّ مُلكَ المَلِك الأعظم، أخْبَرَنا بذلك نبيُّنا. فقال: لستم بهم، بل هم قوم يصومون بالنهار ويفطرون (٤) بالليل، فكيف صومُكم؟ فأخْبَرْنَاه، فَمُلِئ (٥) وجهه سوادًا، فقال: قوموا.
(١) أخرجه ابن سعد: (١/ ١٥٣ - ١٥٥)، وابن هشام: (١/ ١٨٠ - ١٨٢). (٢) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة": (١/ ٣٨٦ - ٣٩٠)، وقوام السنة في "الدلائل": (٣/ ٧٩٧)، وأَبو نعيم في "الدلائل": (١/ ٥٠ - ٥٥)، وذكره ابن كثير في "التفسير": (٣/ ٤٨٢ - ٤٨٤) وقال: أورده الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي في "دلائل النبوة" عن الحاكم إجازة، وإسناده لا بأس به. وقارن بـ "فتح الباري": (٨/ ٢١٩) حيث قال: "إسناده ضعيف"، وانظر: "كنز العمال": (١٠/ ٦٠٤)، "سبل الهدى والرشاد": (١/ ١٣٥). (٣) في "غ": "سواد". (٤) في "البداية والنهاية": "يقومون". (٥) في "ص": "فملأ".