خرج بأرض العرب (١)، فأنا أُومِنُ به وأصدِّقُه، وأنا أخاف (٢) من الحارث بن أبي شمر أنْ يقتلني.
وقال شُجَاعٌ: فكان هذا الحاجب يُكْرِمُني ويُحْسِنُ ضيافتي، ويُخْبِرُني عن الحارث باليأس منه، ويقول: هو يخاف قيصر، قال: فخرج الحارث يومًا وجلس، فوضع التَّاج على رأسه، فأذِنَ لي عليه، فدفعتُ إليه كتاب رسولِ الله ﷺ فقرأه، وقال: مَنْ يَنْتَزِعُ منِّي مُلْكِي؟! أنا سائرٌ إليه ولو كان باليمين جئتُه، عليَّ بالناس! فلم يزل جالسًا يعرض حتى الليل، وأمر بالخيل (أن تُنْعَلَ)(٣)، ثم قال: أخْبِرْ صاحبك ما ترى.
وكتب إلى قيصر يخبره خَبَري فصادفَ قيصر بإيليا، وعنده دِحْيَةُ الكَلْبيُّ، قد بعثه إليه رسولُ الله ﷺ، فلما قرأ قيصر كتابَ الحارثِ، كتب إليه أَنْ لا تَسِرْ (٤) إليه، وتَلَهَّ عنه، ووَافِني (٥) بإيلياء.
قال: ورجع الكتاب وأنا مقيمٌ، فدعاني، وقال: متى تريدُ أن تخرجَ إلى صاحبكَ؟ قلت: غدًا، (فأمر لي)(٦) بمائةِ مثقالٍ ذهبًا، ووصلني مُري بنفقةَ وكسوة، وقال: اقرأْ على رسول الله ﷺ مِنّي السلامَ وأخْبِرْه أنّي مُتَّبِعٌ دِيْنَهُ.
(١) في "ج": "القرظي"، وفي "غ": "غيرها". (٢) في "ج": "خايف". (٣) في "ج": "بأن تحدّ". (٤) في "ج": "تشر". (٥) في "ج": "ووافاني". و"إيلياء" -بالمد والتخفيف- هي مدينة بيت المقدس، وقد تشدَّد الثانية وتُقْصر الكلمة. وهو معرَّب. انظر: "النهاية" لابن الأثير: (١/ ٨٥). (٦) في "ج": "فأمرني".