القراءتين ظاهر، وضاق عليه البيت عن بيان أن في هذه السورة موضعين كما قال في البقرة: معا قدر حرك، ومثله قوله في الأعراف: والخف أبلغكم حلا، ولم يقل معا، وهو في قصتي نوح وهود وكلا أي: كلاه؛ أي: حفظه قارئه فرواه لنا، والله أعلم.
التشديد في هذه الكلمات في نوناتها ولم يبينه؛ لظهوره، أو لأن كلامه في النون في قوله: ندخله نون فكأنه قال: تشدد نون هذه الكلمات لابن كثير والتشديد والتخفيف في ذلك كله لغتان، وأراد:{هَذَانِ خَصْمَانِ} ١، {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ٢، {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} ٣، {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} ٤، {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} ٥، {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} ٦.
التشديد عوض من الألف المحذوفة من هاذان وهاتين وفذانك، ومن الياء المحذوفة في اللذان واللذين حذفتا؛ لسكون ألف التثنية بعدهما شدد الجميع ابن كثير، ووافقه أبو عمرو على تشديد:{فَذَانِكَ} ، وقراءة الباقين بالتخفيف على قياس نونات التثني مطلقا، وقوله: دم حلا؛ أي: ذا حلا، وأراد "فذانك" بالتشديد؛ لأن الكلام فيه، ولقائل أن يقول: إنما لفظ به مخففا فيدخل في قوله: وباللفظ أستغني عن القيد، وجوابه: أنه لم يمكنه اللفظ به مشددا؛ لامتناع اجتماع الساكنين في الشعر، فلم يبق اللفظ جاليا للمقصود.
الضم والفتح في هذا لغتان كالضعف والضعف وفي الأحقاف موضعان، وقوله: عند براءة؛ أي: فيها كما تقول: عندي كذا؛ أي: في ملكي يريد فيما حوته براءة من الآيات، وكما تجوز عما هو عندي بقي في قوله: ولا ألف في ها "هأنتم" على ما سبق تجوز هنا بعكس ذلك، وكان له أن يقول: وما في براءة أو وكرها هنا وفي براءة ضمه شهاب، ومعقلا تمييز أو حال، والضمير في ثبت للحرف المختلف فيه أو لشهاب؛ أي: ثبت معتلا أو مشبها معقلا، المعقل: الملجأ، يقال: فلان معقل لقومه، وأصله الحصن:
أي كم علا شرفا والمميز محذوف؛ أي: كم مرة علا شرفا، والجمع يعني به مبينات جمع مبينة فوجه الفتح فيهما ظاهر؛ أي: بينها من يدعيها، "وآيات مبينات" بيَّنها الله سبحانه، وبالكسر يجوز أن يكون لازما،
١ سورة الحج، آية: ١٩. ٢ سورة طه، آية: ٦٤. ٣ سورة القصص، آية: ٢٧. ٤ سورة النساء، آية: ١٦. ٥ سورة فصلت، آية: ٢٩. ٦ سورة القصص، آية: ٣٢.