الحكمة؛ لأننا لو سلطنا سيوفنا على أمثال هؤلاء لقتلنا عالمًا، وقد يكونون مؤمنين، وإذا كان الرجل المشرك الذي لحقه أسامة - رضي الله عنه - وأدركه بالسيف قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟ ! "(١) مع أن الظاهر أنه قالها تعوذًا، فإذا كان هذا الرجل عصم دمه بهذه الكلمة فكيف بهؤلاء المنافقين الذين يذكرون الله، ويأتون معنا ويصلون ويتصدقون، فالكف عنهم هو عين الحكمة.
قوله:{وَعِظْهُمْ} الموعظة: هي التذكير المقرون بالترغيب والترهيب؛ أي: أن تذكّر الإنسان بما يلزمه من فعل أو ترك مع ترغيب أو ترهيب، ترغيب فيما تأمره به، وترهيب فيما تنهاه عنه.
قوله:{وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} أي: قل لهم قولًا يصل إلى قرارة نفوسهم، ولهذا جعل ظرف القول هو النفس، ويحتمل أن يكون المعنى {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ} أي: في شأنهم وحالهم قولًا بليغًا يبلغ قلوبهم، والمعنيان لا يتنافيان، وعلى هذا فيكونان جميعًا حقًا؛ أي: قل لهم في شأنهم وفي أنفسهم بأنكم فعلتم كذا وفعلتم كذا، أو قل لهم قولًا في النفس يصل إلى النفوس، وإلى قرارة القلوب.
وقوله:{قَوْلًا بَلِيغًا} أي: ذا بلاغة، أو بليغًا بمعنى بالغًا
= (٤٦٢٢)؛ ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، حديث رقم (٢٥٨٤) عن جابر بن عبد الله. (١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات، حديث رقم (٤٠٢١)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، حديث رقم (٩٦) عن أسامة بن زيد.