قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ... »(١).
وجاء في شرح هذا الحديث بأنَّ المقصودَ من استحلال (الحِر) استحلالُ الحرام من الفروج، فهذا بالحاء والراء المهملتين، واستحلال (الحرير): استحلالُ النهي عنه، وقد ورد النهي في كتاب الله تعالى عن هذا بقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(٢)، والمعازف بالزاي المعجمة: آلات اللهو (٣).
وقال ابن تيمية:"وبالجملة فعلى المؤمن أن يعلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك شيئًا يقرِّب إلى الجنَّة إلَّا وقد حدَّث به ولا شيئًا يبعد عن النار إلا وقد حدَّث به، وإنَّ هذا السماع لو كان مصلحة لشرعه الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ الله يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(٤)، وإذا وجد فيه منفعة لقلبه ولم يجد شاهد ذلك لا من الكتاب ولا من السُّنَّة لم يلتفت إليه"(٥).
وقال ابن القيم: "ومن مكايد عدو الله ومصايده التي كاد بها من قلَّ نصيبه من العلم والعقل والدين وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحلُّ الخمر ويسميه بغير اسمه ٦/ ٢٤٣، رقم ٥٥٩٠. (٢) سورة النور: ٦٣. (٣) ينظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢٧/ ١٢٦. (٤) سورة المائدة: ٣. (٥) مجموع الفتاوى ١١/ ٥٨٧، ٥٩٥.