فقال: النبي صلى الله عليه وسلم معصوم , وقد بلّغكم ما كان فيه معهن , هي عدوّة الرجل ظاهرا وباطنا , إن ظهرت له لمحبة أهلكته , وإن أضمر تهاله , وإن الله عز وجل جعلهن فتنة , فنعوذ بالله من فتنتهن) (١).
ونقل عن صوفي آخر حذيفة المرعشي المتوفى ٢٠٧ هـ أنه قال:
(كان ينبغي للرجل لو خيّر بين أن يضرب عنقه , وبين أن يتزوج امرأة في الفتنة لاختار ضرب العنق على تزويج امرأة في الفتنة) (٢) ... .
ونقل ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر علي المصري المتوفى ٨٠٤ هـ في كتابه عن أحد كبار الصوفية:
(ما تزوج أحد من أصحابنا إلا تغير) (٣).
ونقل الشعراني عن رباح بن عمرو القيسي - من الصوفية الأوائل - أنه قال: لا يبلغ الرجل إلى منازل الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة , وأولاده كأنهم أيتام , ويأوي إلى منازل الكلاب (٤).
وكتب صوفي قديم آخر , وهو أبو الحسن علي الهجويري المتوفى قريبا سنة ٤٦٥ هـ قصة غريبة في العزلة والتجرد نقلا عن إبراهيم الخواص أنه قال:
(وصلت إلى قرية بقصد زيارة عظيم كان هنالك , ولما ذهبت إلى داره رأيت بيتا نظيفا مثل معبد الأولياء , وقد جعل في زاويتين من البيت محرابين , وجلس في أحدهما شيخ , وفي الآخر عجوز نظيفة وضيئة , وقد ضعف كلاهما من كثرة العبادة , فأظهر السرور بقدومي , وبقيت هنالك ثلاثة أيام , ولما أردت العودة سألت الشيخ: من تكون لك تلك العفيفة؟ قال: هي من ناحية ابنه عمي , ومن ناحية أخرى زوجي , فقلت: رأيتكما خلال هذه الأيام الثلاثة كالغربيين تماما في الصحبة , قال: نعم , منذ خمسة وستين عاما ونحن كذلك فسألته عن سبب ذلك , فقال: إعلم إننا كنا عاشقين لأحدنا الآخر في الصغر , ولم يكن أبوها يعطيها لي لأن محبتنا صارت معروفة , فتحملت ذلك حتى توفى أبوها , وكان والدي عمها , فزوجها لي , فلما
(١) غيث المواهب العلية في شرح حكم العطائية لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم النفزي ج١ ص ٢٠٩ بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود والدكتور محمود الشريف ط مطبعة السعادة القاهرة.
(٢) نفس المصدر.
(٣) طبقات الأولياء لابن الملقن ص ٣٦ نشر مكتبة الخانجي القاهرة الطبعة الأولى ١٣٩٣ هـ.
(٤) طبقات الشعراني ج١ ص ٤٦.