٥. وفي قوله جل في علاه: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ} (الشعراء ٢٣ - ٢٤)، لفتة لطيفة، وعلاقة وطيدة، بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فإن موسى - عليه السلام - حين سأل عن الرب جلَّ وعلا، دل عليه بمخلوقاته، فمن نظر فيها وتأمل أدرك، ولذا يقول السمعاني:" ومعنى قوله: (إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ) هاهنا أنكم كما توقنون الأشياء التي تعاينونها، فأيقنوا أن إله الخلق هو الله تعالى"(١).
٦. وفي قوله سبحانه وتعالى:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} يشير الإمام السمعاني إلى معنى التدبير، الذي هو من مقتضيات ربوبية الله جل وعلا، فيقول:" التدبير من الله تعالى: فعل الأشياء على ما يوجب الحكمة"(٢).
وذكر الشيخ السمعاني أن الله جل وعلا، منفرد في التدبير والتصريف لهذا الكون؛ لأن الله تعالى يقول:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}(الأنبياء ٢٢)،فإذا كان الإله اثنين، حصل فساد في السماء والأرض.
يقول السمعاني:" ومعنى الفساد في السماء والأرض إذا كان الإله اثنين، هو فساد التدبير، وعدم انتظام الأمور، بوقوع المنازعة والمضادة، وهو أيضا معنى قوله تعالى:{وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(٣)(المؤمنون ٩١)، وقد ربط السمعاني بين (التدبير والحكمة) في تفسيره لمعنى اسم الله الحكيم، فيقول في بعض تلك المواطن، كما في تفسير قوله تعالى:
{وَكَانَ الله عَزِيزًا حَكِيمًا}(الفتح ٧)، "منيعا في النصر، حكيما في التدبير" (٤)،وقال في موطن آخر في قوله تعالى:{قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}(الذاريات ٣٠)، " أي الحكيم فيما يدبر" (٥).
(١) ((السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٤٣ (٢) ((السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ٧٦ (٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٣٧٤ (٤) ((السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ١٩٣ (٥) ((السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٢٥٨