وَالسُّحْبُ لَا تُحْيِي الثَّرَى ... مَا لَمْ تُتَابِعْ وَدْقَهَا (٥٣)
إِنَّ الفَخَارَ مَعَارِجٌ ... مَنْ يَخْشَهَا لَا يَرْقَهَا
وَالنَّخْلَةُ الْقِرْوَاحُ لَا ... تَجْنِي التَّنَابِلُ عِذْقَهَا (٥٤)
إِنَّ الفَضِيلَةَ خَمْرَةٌ ... فَأْتِ الْمَحَامِدَ تُسْقَهَا
هِيَ خَمْرَةُ الْأَرْواحِ لَا ... أَعْنِي المُدَامَ وَزِقَّهَا
إِنَّ الْعَوَالِمَ أَفْصَحَتْ ... وَوَعَى الْغَيَالِمُ نُطْقَهَا
الْمَجْدُ حِصَّةُ مَنْ سَعَى ... بِالْجِدِّ يَنْفُضُ طُرْقَهَا
خَاضَ الصَّوَاعِقَ لَمْ يَهَبْ ... فِي جَوِّ جَرْبَةَ صَعْقَهَا
وَمِنَ الذَّوَابِلِ سُمْرَهَا ... وَمِنَ الأَسِنَّةِ زُرْقَهَا
يَلْقَى الْخُطُوبَ عَوَابِسًا ... بَشَّ الْأَسِرَّةِ طَلْقَهَا
أَسْرَارُ رَبِّكَ بَعْضُهَا ... عَقْلٌ تَوَلَّى خَرْقَهَا
الْعِلْمُ يَسَّرَ فَتْحَهَا ... وَالْجَهْلُ عَسَّرَ غَلْقَهَا
إِنْ شِئْتَ تَفْقَهْ سِرَّهَا ... فَاقْرَا الْحَوَادِثَ وَافْقَهَا
لَا تَسْتَجِيبُ لِقَاعِدٍ ... فَالْقَ الْمَكَارِمَ تَلْقَهَا
وَالْأَرْضُ لَا تُعْطِي الْغِنَى ... إِنْ لَمْ تُجَوِّدْ عَزْقَهَا
إِنَّ الْحَيَاةَ مَوَارِدٌ ... لِلْحَقِّ صَابَتْ غَدْقَهَا
فَالذِّمْرُ يَشْرَبُ صَفْوَهَا ... وَالْغُمْرُ يَضْرِبُ رَنْقَهَا
إِنَّ اللَّيَالِيَ لُجَّةٌ ... وَالْكُلُّ يَحْذَرُ غَرْقَهَا
تُزْجِى إِلَى كُرَمَائِهَا ... دُهْمَ الخُطُوبِ وَبُلْقَهَا
ذُو اللُّبِّ يَلْبَسُ لِلَّيَا ... لِي كَيْسَهَا أَوْ حُمْقَهَا
خَيْرُ الرِّجَالِ السَّابِقِيـ ... ـن فَتًى يُجَارِي شَبْقَهَا
نَسَقَ الْأُمُورَ قَلَائِدًا ... غُرًا فَأَحْسَنَ نَسْقَهَا
وَسَقَ الْعَظَائِمَ مَحْمَلًا ... خِفًّا فَأَجْمَلَ وَسْقَهَا
مَا هَابَ فِي غَمَرَاتِهَا ... رَعْدَ الْخُطُوبِ وَبَرْقَهَا
شَرُّ الْخَلَائِقِ أُمَّةٌ ... عَلِمَ الْمُهَيْمِنُ فِسْقَهَا
فَأَذَلَّهَا وَأَقَلَّهَا ... عَدًّا وَقَتَّرَ رِزْقَهَا
٥٣) الودق: المطر.
٥٤) النخلة القرواح: الملساء الطويلة. قال سويد بن الصامت الأنصاري:
أَدِينُ وَمَا دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ ... وَلَكِنْ عَلَى الشُّمِّ الجِلَادِ القَرَاوِحِ