فالإيمان لا يقوم إلا على أركانه كما لا يقوم البنيان إلا على أركانه، وهذه الأركان الستة مذكورة في القرآن الكريم، تارة تذكر جميعاً وتارة يذكر بعضها، قال تعالى:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}[البقرة:١٧٧] ذكر - جل وعلا- في هذه الآية خمسة أركان من أركان الإيمان، وقال تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}[البقرة:٢٨٥] ذكر منها أربعة، وتارة يذكر منها اثنين: الإيمان بالله واليوم الآخر قال جل شأنه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[البقرة:٦٢]. وأما - الإيمان بالقدر فقد ذكره في قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر:٤٩]، وفي قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)} [الفرقان:٢](١).
والإيمان باليوم الآخر يشتمل على مجموعة من الحقائق وردت في الكتاب والسنة، فلزم الإيمان بها جميعاً، ومنها: فتنة القبر وعذابه ونعيمه، والساعة وأمارتها، والبعث والحشر والحساب وما يتبعه من ثواب وعقاب والصراط والجنة والنار.
قال شيخ الإسلام ابن تيمة:(ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به -صلى الله عليه وسلم- مما يكون بعد الموت ... )(٢).
(وهذا ضابط جامع يدخل فيه الإيمان بالنصوص الواردة في حالة الاحتضار وفي القبر والقيامة والجنة والنار وجميع ما احتوت عليه من التفاصيل ... )(٣).
(١) صالح الفوزان، الإيمان بالملائكة وآثاره في حياة الأمة، ص ٣، ط. الأولى، دار العاصمة، الرياض، ١٤١٣ هـ. (٢) العقيدة الواسطية، ص ١٤٢، شرح الشيخ صالح الفوزان. (٣) ابن سعدي، التنبيهات اللطيفة على ما احتوت العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة، ص ٦٩، ط. الأولى، ضبط وتخريج: علي حسن عبدالحميد، دار ابن القيم، العام، ١٤٠٩ هـ.