ثُمَّ إِنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لَهُمْ: "آيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ بِمَكَانِ كذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسُّ الدَّابَّةِ -أَي الْبُرَاقِ- فَنَدَّ لَهُمْ بَعِيرٌ، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطَّوْا عَلَيْهَ بِشَيءٍ، فكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتُ مَا فِيهِ، ثُمَّ غَطَّيْتُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَعَلَى عِيرِهِمْ جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غَرَارَتَانِ، إِحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ، وَالأُخْرَى بَرْقَاءُ". (١) وصدّقه أبو بكر، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي بَكْرٍ: "وَأَنْتَ يَا أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ".
وجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ، وَأَوْقَاتَهَا، وفُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ. (٢)
(١) فَلَمَّا جَاءَتِ الْعِيرُ، إِذَا عَلَيْهَا ذَلِكَ الجَمَلُ الذِي وَصَفَهُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسَأَلُوهُمْ عَنِ الإِنَاءِ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ وَضَعُوهُ مَمْلُوءًا مَاءً، ثُمَّ غَطَّوْهُ، وَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا فَوَجَدُوهُ مُغَطًّى كَمَا غَطَّوْهُ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً، وَسَأَلُوهُمْ: هَلْ ضَلَّ لَكُمْ بَعِيرٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، نَدَّ لَنَا بَعِيرٌ فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إِلَيْهِ حَتَّى أَخَذْنَاهُ. فَعَجِبَ الكُفَّارُ لَمَّا عَرَفُوا صِدْقَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا نُفُورًا وَطُغْيَانًا كَبِيرًا.(٢) ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى إِلَّا المَغْرِبَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا. وأَتَمَّ اللَّهُ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالعِشَاءَ الآخِرَةَ أَرْبَعًا فِي الحَضَرِ، وَأَقَرَّ الصَّلَاةَ عَلَى فَرْضِهَا الأَوَّلِ فِي السَّفَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute