قد علمتَ من رواية قتادة عن سليمان بن قيس (١) والكلام عليها أن ظاهرها أن ذلك أول ما نزلت الآية، أعني قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء: ١٠١].
وقد عارض هذا حديث آخر.
أخرج أبو داود (٢) عن سعيد بن منصور عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعُسْفان، وعلى المشركين خالد بن الوليد، فصلينا الظهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غِرَّةً، لقد أصبنا غفلة، لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة! فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر، فلما حضرت العصر قام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مستقبلَ القبلة، والمشركون أمامه، فصفَّ خلف رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - صفٌّ، وصفَّ بعد ذلك الصفِّ صفٌّ آخر، فركع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وركعوا جميعًا ... » فذكر الصفة التي تقدمت [في] رواية عطاء عن جابر، ثم قال:«فصلَّاها بعُسْفان، وصلَّاها يوم بني سُلَيم».
وأخرجه الحاكم في «المستدرك»(١/ ٣٣٤) من طريق ابن منصور، وقال:«صحيح على شرط الشيخين» وأقره الذهبي.
(١) أخرجها الطبري في «تفسيره» (٧/ ٤١٤) من حديث جابر بن عبد الله في قصة قصر الصلاة في الخوف. (٢) رقم (١٢٣٦).