وَهَكَذَا تتَنَاوَل الْآيَة أَعمال الدّين الْخَالِصَة، والأعمال الَّتِي هِيَ فِي الأَصْل عمل دُنْيَوِيّ حولهَا الْإِسْلَام إِلَى عبَادَة، ثمَّ ذكر التَّوْحِيد صَرَاحَة وَهُوَ العقيدة الَّتِي لَا يقبل من الْإِنْسَان سواهَا.
وَآيَة أُخْرَى يَقُول تبَارك وَتَعَالَى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ٢، وَالْآيَة كَمَا ترى تجمع بَين الصَّلَاة الَّتِي هِيَ أهم أَرْكَان الْإِيمَان بعد الشَّهَادَتَيْنِ، وَبَين الذّبْح الَّذِي هُوَ أَمر لَا حرج على من لم يَفْعَله وَلَا إِثْم، وَالصَّلَاة فِي الْآيَة وَإِن كَانَ الْمَقْصُود بهَا صَلَاة الْعِيد إِلَّا أَنَّهَا من جنس الْفَرِيضَة الَّتِي فَرضهَا الله على الْمُؤمنِينَ، وَهِي فِي الأَصْل عمل ديني لَا يشوبه شَائِبَة من شوائب الدُّنْيَا.
والخصيصة الثَّالِثَة هِيَ تَسَاوِي النَّاس جَمِيعًا أَمَام نظمها: فَلَيْسَ هُنَاكَ عبيد وأحرار، وَلَا سادة وعوام، وَلَا نبلاء ودهماء، بل الْكل فِي ذَات الله سَوَاء، يجمعهُمْ الْإِيمَان بِاللَّه، ويفاضل بَينهم الْعَمَل الصَّالح، ويتنافسون فِي ميدان التَّقْوَى الرحب الفسيح.
وَكَانَ الرَّسُول - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول لَهُم:"كلكُمْ بَنو آدم، وآدَم خلق من تُرَاب؛ لينتهين قوم يفتخرون بآبائهم أَو لَيَكُونن أَهْون على الله من الْجعلَان" ٣.