وَلَكِن ذَلِك الْعَفو كَانَ لابد لَهُ من الْكَفَّارَة١ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ٢.
ـ وَلما جَاءَهُم مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمَا شرع لَهُم فِي التَّوْرَاة فَإِنَّهُم لم يقبلوها حَتَّى رُفع الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ٣.
وَمَعَ هَذَا كُله لم يحمد بَنو إِسْرَائِيل مَا هم فِيهِ من النَّعيم رب غَفُور وشراب طهُور وَطَعَام سَائِغ لَا يكلفهم أدنى مجهود وظل مَمْدُود بل ظلوا يضجرون ويتكاسلون وَيطْلبُونَ ويعاندون ويتمادون حَتَّى قَالُوا٤ مَا أخبر الله عز وَجل بِهِ عَنْهُم فِي الْقُرْآن الْكَرِيم بقوله تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ٥.
فَأَمرهمْ الله عز وَجل أَن يدخلُوا الأَرْض المقدسة (بَيت الْمُقَدّس وَأَرْض الْخيرَات) وَوَعدهمْ بالنصر، وَطلب مُوسَى ذَلِك من قومه، فَقَالَ عز وَجل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا
١ - انْظُر: سفر الْخُرُوج صَحَّ (٣٢) .٢ - سُورَة الْبَقَرَة، آيَة ٥٤.٣ - سُورَة الْأَعْرَاف، آيَة ١٧١.٤ - انْظُر: سفر الْعدَد صَحَّ (١١) .٥ - سُورَة الْبَقَرَة، آيَة ٦١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute