تحدثت عائشة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صفية فقالت: يا رسول الله، إن صفية امرأة. وأشارت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة.
فلم يغفر النبي - صلى الله عليه وسلم - لها قولها، بل قال ناصحاً ومؤدباً ورافضاً الاستماع للغيبة:«لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجتْه»(١)، وهذا الحديث "من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئاً من الأحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ"(٢).
وبينما هو - صلى الله عليه وسلم - جالس بين أزواجه أتته عائشة بخزيرة [وهو لحم ينثر عليه الدقيق]، تقول عائشة: فقلتُ لسودة - والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينها-: كلي، فأبتْ، فقلتُ: لتأكلِن أو لألطخن وجهكِ، فأبتْ، فوضعتُ يدي في الخزيرة، فطليتُ وجهها، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوضع بيده لها [أي لسودة]، وقال لها:«الطخي وجهها»، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣)، فحول النبي - صلى الله عليه وسلم - بحكمته تغاير أزواجه إلى موقف باسم عمّق من خلاله قيم الحب والعدل والوئام.
(١) أخرجه الترمذي ح (٢٥٠٢)، وأبو داود ح (٤٨٧٥)، واللفظ له. (٢) نقله عنه المناوي في فيض القدير (٥/ ٥٢٥). (٣) أخرجه أبو يعلى ح (٤٤٧٦).