فلما رأى عوف صغر القبة قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ممازحاً: أكلي يا رسول الله؟ قال:«كلُّك»، فدخل - رضي الله عنه - (١).
وجاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول له: يا رسول الله، ادع الله لي أن يدخلني الجنة. فقال لها:«يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز».
ولم تفطن المرأة لمزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - معها، فانزعجت، وبكت ظناً منها أن العجائز من أمثالها لا يدخلون الجنة، فلما رأى ذلك - صلى الله عليه وسلم - منها بيَّن أن العجوز لن تدخل الجنة عجوزاً، بل ينشئها الله خلقاً آخر، فتدخلها شابة بكراً، وتلا عليها قول الله تعالى:{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا}(الواقعة: ٣٥ - ٣٧)(٢).
ومن مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصد التحبب وتطييب النفس مزاحُه مع أعرابي ذميم الخِلقة، يستنكف الكثيرون عن المزاح مع مثله، أما النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يزن الرجال بميزان الله؛ الإيمان
(١) أخرجه أبو داود ح (٥٠٠٠) وأحمد ح (٢٢٨٤٦)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (٤٠٤٢). (٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ح (٥٥٤٥)، وهناد بن السري في الزهد ح (٢٤)، والترمذي في الشمائل ح (٢٣٨)، وحسنه الألباني في تحقيقه لشمائل الترمذي ح (٢٠٥).