أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ (١). وهذه الآية الثانية وإن كانت تحتمل معنى آخر هو جعلناكم تتوارثون عمارة الأرض وسكناها، إلا أن كلا المعنيين صحيح ومراد كما قال المفسرون.
والإنسان في القرآن، بعد هذا موصوف بصفتين: واحدة منهما لبيان أصله وحقيقته، كي لا يطغيه شيء من صفاته التي تحدّثنا عنها، ولا يتجاوز بها حدود عبوديته لله عزّ وجلّ، والثانية لبيان مركزه من هذا الكون كله ومستواه بين الخليفة أجمع.
والإنسان في القرآن، أخيرا، عبد الله، خلق ليكون مظهرا لإلهية الله عزّ وجلّ. وما صفة الخلافة فيه وتكريمه على سائر المخلوقات وتسخير الكون له إلا وسيلة لأن يحقق عبوديته لله تعالى بالكسب والممارسة والاختيار كما خلقه عبدا له بالجبر والاضطرار. وفي بيان ذلك يقول: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٦).