فَكَتَبْنَا بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ أَجِيزُوا أَمَانَ الْعَبْدِ. فَسَكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ ثُمَّ غِبْتُ عَنِ الْكُوفَةِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ قَدِمْتُهَا فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمَانِ الْعَبْدِ، فَأَجَابَنِي بِحَدِيثِ عَاصِمٍ وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ. فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِمَا سَمِعَ». وما من شيء يرمى به الإمام إِلاَّ وتجد في الصحيح من الرواية ما يرده ويدفعه.
ولنأخذ في ذكر ما سرده المؤلف ومناقشته:
قال: قال حافظ المغرب في " الانتقاء ": «كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ اسْتَجَازُوا الطَّعْنَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ لِرَدِّهِ كَثِيرًا مِنْ أَخْبَارِ الآحَادِ الْعُدُولِ لأَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى عَرْضِهَا عَلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنَ الأَحَادِيثِ وَمَعَانِي الْقُرْآنِ فَمَا شَذَّ عَنْ ذَلِكَ رَدَّهُ وَسَمَّاهُ شَاذًّا».
ولا أدري كيف يؤاخذ على هذا؟ وعلماء أصول الرواية جعلوا من أصولهم أن الحديث قد يكون صحيح السند، ولكنه غير صحيح في ذاته لمخالفته رواته مَنْ هُمْ أوثق منهم وهو ما يعرف بالشاذ، ولعل ذلك إن صح يكون من بعض المُحَدِّثِينَ المُتَزَمِّتِينَ الذِينَ يُحَجِّرُونَ وَاسِعًا.
(*) [تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]: انظر:"تاريخ الإسلام " للذهبي، تحقيق الدكتور بشار عوّاد معروف، ٤/ ١٢٠، الطبعة الأولى: ٢٠٠٣ م، نشر دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان وانظر كذلك " تأويل مختلف الحديث " لابن قتيبة، تحقيق محمد محيى الدين الأصفر، ص ١٠٣، الطبعة الثانية - مزيده ومنقحة ١٤١٩هـ - ١٩٩٩م، نشر المكتب الاسلامي - مؤسسة الإشراق.