والشافعي - رضِي الله عنه - عدَل عن هذين الإطلاقين في الحظر والإباحة باعتبار الألحان، فإنْ أخرجت لفظ القرآن عن [صيغته](١)، بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه، يقصد بها وزن الكلام وانتظام اللحن، أو مد مقصور، أو قصر ممدود، أو مطَّط حتى خفي اللفظ، والتبس المعنى - فهذا محظور، يفسق به، وإنْ كان على خِلاف ذلك فلا بأسَ به (٢)؛ قال أصحابنا: وينبغي ألاَّ يشبع الحركات حتى لا تصير حروفًا، ا. هـ.
ونسَب الشاشي فِي حليته تفصيل "الحاوي" هذا إلى الشَّافِعِي - رحمه الله - فقال: واختار الشَّافِعِي التفصيل؛ وهو أنَّه إذا كانت الألحان لا تُغيِّر الحروف عن نَظمِها جازَ، فإنْ غيَّرتها إلى زيادةٍ لم يجزْ.
وقال الدارمي: القراءة بالألحان مُستَحبَّة ما لم يزدْ حرفًا عن حركته أو [يسقطه](٣).
وقال البغويُّ: تجوزُ القِراءة بالألحان وتحسين الصوت بأيِّ وجهٍ كان، [إلاَّ أنْ يجاوز](٤) الحدَّ فيه، ويستحبُّ أنْ يقرأ حدرًا [وتخويفًا، والمد](٥)[ز١/ ١٧/أ] إذا جاوَز الحد فيه وأشبَه ألحان المغنيين لا يجوز، ومَن أدمَنَ عليه ردَّت شَهادته، ا. هـ؛ والحدر أنْ يخفض الصوت كما ابتَدَأ ثم يرفعه ثم يخفضه.
(١) في (ز١): صنعته. (٢) "الحاوي"؛ للماوردي (١٧/ ١٩٨) طبعة دار الفكر. (٣) في (ز٢): ينقصه. (٤) في (ز١): إذا كان لا يجاوز. (٥) في (ز٢): وتحزينًا، والمراد.