الثاني: أنه حكم لأبويه بالنار ولجده وعمه وكل قريب له، فلو لم يكن في غاية الصدق والأمانة والعدل حتى أنه يخبر بالحق على نفسه ولها لتعصب لقومه وقال: هم في الجنة ببركتي لاختصاصي عند ربي، وكان يصدق في ذلك كما صدق في غيره.
قال: وقال أيضا:" ليت شعري ما فعل أبواي؟ فأنزل عليه «١»: ... ولا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩)«٢».
قلت: هذا إن صح فجوابه ما سبق قبله، لكنه لا يصح لسياق «٣» الكلام وهو قوله تعالى في سياق ذم اليهود والنصارى والكفار:/ إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً ونَذِيراً ولا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) بضم التاء «٤» المثناة من تسأل على ما لم يسم فاعله، فهو معنى قوله: .. ولا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)«٥» وقوله:
قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا ولا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥)«٦» وقوله: ... فَإِنَّما عَلَيْهِ ما
(١) أخرجه الطبري في التفسير (١/ ٥١٦) من ثلاث طرق مرسلة، وذكر القرطبي في تفسيره (٢/ ٩٢) عن ابن عباس ومحمد بن كعب، وابن كثير في تفسيره أيضا (١/ ١٦٢) وقد تكلم العلماء في سند هذا الحديث. (٢) سورة البقرة، آية: ١١٩. (٣) في (أ): اسباق، وفي (ش): لا يصح لنا والكلام. (٤) هذه قراءة الجمهور، وقرأ بعضهم ولا تُسْئَلُ بفتح التاء. [انظر كتاب الإقناع في القراءات السبع ٢/ ٦٠٢، وتفسير ابن كثير ١/ ١٦٢]. (٥) سورة البقرة، آية: ١٣٤، ١٤١. (٦) سورة سبأ. آية: ٢٥.