علقم ما أنت إلى عامر ... النّاقض الأوتار والواتر «١»
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا حسّان لا تعد تنشدني هذه القصيدة بعد مجلسك هذا». فقال: يا رسول الله، تنهاني عن رجل مشرك مقيم عند قيصر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا حسّان، أشكر الناس للناس أشكرهم لله تعالى، وإنّ قيصر سأل أبا سفيان ابن حرب عنّي فتناول منّي» - وفي خبر آخر:«فشعّث منّي»«٢» - وإنه سأل هذا عنّي فأحسن القول. فشكره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك. وروي من وجه آخر أنّ حسان قال:
يا رسول الله، من نالتك يده وجب علينا شكره.
ومن المعروف في ذلك خبر عائشة رضوان الله عليها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقول: أبياتك. فأقول:[من الكامل]
ارفع ضعيفك، لا يحربك ضعفه ... يوما فتدركه العواقب قد نمى
يجزيك، أو يثني عليك، وإنّ من ... أثنى عليك بما فعلت فقد جزى «٣»
قالت فيقول عليه السلام: يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده: صنع إليك عبدي معروفا فهل شكرته عليه؟ فيقول: يا ربّ، علمت أنه منك فشكرتك عليه.
قال فيقول الله عزّ وجلّ:«لم تشكرني، إذ لم تشكر من أجريته على يده»«٤».
وأمّا علمه عليه السلام بالشعر، فكما روي أن سودة أنشدت «٥»:
عديّ وتيم تبتغي من تحالف فظنّت عائشة وحفصة رضي الله عنهما أنّها عرّضت بهما، وجرى بينهنّ كلام في هذا المعنى، فأخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم، فدخل عليهن وقال:«يا ويلكنّ، ليس في عديّكنّ «٦» ولا تيمكنّ «٧» قيل هذا، وإنّما قيل هذا في عديّ تميم وتيم تميم».
وتمام هذا الشعر وهو لقيس بن معدان الكليبيّ، من بني يربوع:[من الطويل]
(١) البيت للأعشى في ديوانه ص (١٠٥). (٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (٧٣). (٣) البيتان للسموءل (غريض اليهودي). الأغاني (٣/ ١٠٩، ١١١، ١٢٦). (٤) أخرجه الطبراني في الصغير (١/ ١٦٣). (٥) روى هذا الخبر القالي في أماليه (١/ ٢٤١، ٢٤٢). (٦) أي عدي قريش ومنهم عمر بن الخطاب. (٧) أي تيم قريش ومنهم أبو بكر.