الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن وقوع الثلاث التطليقات بكلمة واحدة أو كلمات من دون تخلل. وقد اختلف أهل العلم فيها على أربعة أقوال:
الأول: وقوع جميعها، وهو مذهب الأئمة (١) وجمهور العلماء، وكثير من الصحابة وفريق من أهل البيت.
الثاني: عدم الوقوع مطلقا، لا واحدة , ولا ما فوقها؛ لأنه بدعة محرمة، وهذا المذهب حكاه ابن حزم (٢)، وحكى الإمام أحمد (٣) ما يكفي، وقال ك هو مذهب الرافضة.
قلت: بل هو مذهب جماعة من التابعين (٤) كما حكاه الليث، ومذهب ابن علية، وهشام بن الحكم، وجميع الإمامية. ومن أهل البيت - عليهم السلام - الباقر، والصادق، والناصر. وبه قال أبو عبيدة (٥)، وبعض الظاهرية؛ لأن هؤلاء قالوا: إن الطلاق البدعي لا يقع والثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة لا يقع.
الثالث: وقوع الثلاث إن كانت المطلقة مدخولة، وواحدة إن لم يكن كذلك، وهذا مذهب جماعة من أصحاب ابن عباس، وإسحاق بن راهوية (٦).
(١) ذكره ابن قدامة في " المغني " (١٠/ ٣٣٤). (٢) في " المحلى " (١٠/ ١٦٧). (٣) انظر " المغني " (١٠/ ٣٣٤ - ٣٣٥). (٤) انظر " مجموع الفتاوى " (٣٣/ ٨ - ٩). (٥) انظر " فتح الباري " (٩/ ٣٦٢ - ٣٦٣). (٦) عزاه إليه ابن حجر في " الفتح " (٩/ ٣٦٣).