وقد اختلف أهل العلم في حكم أخذ الوالد شيئاً من مال ولده على قولين:
القول الأول: أن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته.
وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية (١).
واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» رواه البخاري (٢).
وجه الاستدلال: أن هذا الحديث عام في تحريم أموال الناس من الأولاد وغيرهم، وعلى هذا فمال الولد محرم على والده إلا بطيب نفس منه.
القول الثاني: جواز أخذ الوالد من مال ولده ما شاء سواءً كان الوالد محتاجاً لما يأخذه أو غير محتاج له، صغيراً كان الولد أم كبيراً.
وهو قول الحنابلة، واشترطوا للجواز ثلاثة شروط:
١ - أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً مما تعلقت به حاجته.
٢ - أن لا يأخذ من مال ولد فيعطيه ولداً آخر، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى.
٣ - أن لا يكون الأخذ في مرض موت أحدهما المخوف (٣).
واستدلوا بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن
(١) انظر: رد المحتار ٢/ ٦٧٦، بلغة السالك ٢/ ٩٤٧، منهاج الطالبين ص٦٥٠، المغني ٨/ ٢٧٢. (٢) رواه البخاري، كتاب العلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «رب مبلغ»، حديث رقم (٦٥). (٣) الروض المربع ٧/ ٥١٤.