أنّه لابد من مسئول ومسئول عنه, فالمسئول مذكور في الآية, وهم أهل الذّكر, والمسئول عنه محذوف, والقول بأنّ المسئول عنه هو: أقوال المجتهدين, من هذه الأمة مجرّدة عن الأدلة هو [مما](١) لا يدلّ عليه دليل, وهذا المسئول عنه المحذوف يحتمل أنّه الأدلّة, ويحتمل أنّه (٢) المذاهب من غير أدلّة, وقد قال بعض العلماء: هو السّؤال عمّا أنزل الله تعالى, لقوله تعالى:{اتَّبِعُواْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَبِّكُم}[الأعراف:٣] فلمّا أمر (٣) بسؤال أهل الذكر, كان المفهوم أنّه أمرنا بسؤالهم عمّا أمرنا باتّباعه مما أنزله علينا من الشّرائع.
وهذه [الأقوال](٤) كلّها مخالفة للمفهوم على قواعد العربيّة, والمختار: أنّ المراد: السّؤال عن الرّسل هل كانوا بشراً؟ لأنّ ذلك هو المذكور في أوّل الآية, والعرف العربيّ يقضي بأنّ ذلك هو المراد, والقرائن تسوق الفهم إليه.
فإنّه تعالى لما قال:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِم فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ}[الأنبياء:٧]. كان السّابق إلى الأفهام؛ فاسألوهم عن كوننا ما أرسلنا إلا رجالاً, كما لو قال القائل: واجهت اليوم الخليفة, وسل وزراءه, كان المفهوم واسألهم عن كوني واجهته. وهذا الذي ذكرت أنّه المحذوف هو الذي اختاره الزّمخشري في ((كشّافه)) (٥) ,
(١) في (أ): ((ما))!. (٢) في (أ): ((أنه من)) وهو خطأ. (٣) في (ي) و (س): ((أمرنا)). (٤) في (أ): ((الأفعال))! وهو خطأ. (٥) (٣/ ٤).