فاستثقلوا الضمة على الياء فحذفوها، وحذفت الياء لالتقاء الساكنين، ثم ضموا الواو لمجاورتها الثانية. ومن قرأ بواو واحدة ففيه وجهان:
أحدهما: أن يكون أصله (تلووا) فأبدل من الواو المضمومة همزة فصار (تلؤوا) بإسكان اللام ثم طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللام، فصار (تلوا). والآخر: أن يكون من الولاية من قولك: وليت الحكم والقضاء بين الرجلين أي: إن قمتم بالأمر أو أعرضتم فإن الله كان بما تعملون خبيرا. والأصل (توليوا) فحذفت الواو كما حذفنا من (يعد) فصار (تليوا) ثم حذفنا الياء ونقلنا الضمة إلى اللام فصار (تلوا)" (١).
وبناء على التحليل الصرفي السابق نخلص إلى أن في القراءة وجهين:
الأول: أن تكون "تلوا" مضارع مسند لواو الجمع من لَوَى يَلْوِي لَيَّاً.
الثاني: أن يكون "تلوا" أيضا مضارع مسند لواو الجمع، ولكن من وَلِيَ يَلِي وِلَايَةً. والملاحظ أن الصيغتين متماثلتان في الشكل، ولكنهما مختلفتان في المعنى، حيث يمكن اعتبارهما من المشترك اللفظي.
• (الصُّوَرِ)(٢): قراءة في قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ}(٣).
ذكر الزبيدي أن "الصُّور بالضم: القَرْنُ يُنْفَخُ فيه، وقَرَأَ الحسنُ "يَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّوَرِ" على أنه جمْعُ صُورَةٍ مثل بُسْرٍ وبُسْرَةٍ، أي: يُنْفَخُ في صُوَرِ المَوْتَى للأرواح ورُوِيَ ذلك عن أبي عُبَيْدَة وقد خطّأَه أَبو الهَيْثَمِ ونَسبه إلى قِلّة المعرفة".
[التاج: صور].
فالكلمة على قراءة الجمهور تعني القرن الذي ينفخ فيه، وعلى قراءة الحسن الشاذة من التصوير. وقد رد القرطبي هذه القراءة قائلا: "وليس جمع صورة كما زعم بعضهم، أي ينفخ في صُوَرِ الموتى" (٤). أما أبو حيان فيقرها قائلا: "قرأ الحسن "في الصُّوَرِ" وحكاها عمرو بن عبيد عن عياض ويؤيد تأويل من تأوله أن "الصُّوَرَ" جمعُ صُورَةٍ كثُومَةٍ وثُوَمٍ" (٥).
(١) الحجة: ١/ ٤٠٨. (٢) قراءة الحسن وعياض وقتادة ومعاذ القارئ وأبي مجلز وأبي المتوكل وأبي عبيدة، انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج: ٢/ ٢٦٤، والتبيان: ٢/ ١٧٤، ومختصر ابن خالويه: ٣٨، والإتحاف: ٢١١، ومعجم القراءات للخطيب: ٢/ ٤٦١. (٣) الأنعام: ٧٣. (٤) الجامع: ٧/ ٢٠. (٥) البحر المحيط: ٥/ ١٨٣.