٣ - وقَرَأَها ابنُ عَبّاسٍ (رضي الله عنهُما): "المُعْذِرُونَ" بالتَّخْفيف، قال الأَزْهَريّ: وقَرأَهَا كذلك يَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ وحْدَه مِنْ أَعْذَرَ يُعْذِرُ إِعْذَاراً، وكان يَقُولُ: واللهِ لهكذَا أُنْزِلَتْ. وكان يقول: لَعَنَ اللهُ "المُعَذِّرِينَ" بالتَّشْدِيد، كأَنَّ المُعَذِّر عندَه إِنما هو غَيْرُ المُحِقِّ ... وبالتَّخْفِيفِ مَنْ له عُذْرٌ.
[التاج: عذر].
قال الطبري:"فإن الذي عليه من القراءة قرأة الأمصار، التشديد في "الذال"، أعني من قوله:(المُعَذِّرُونَ)، ففي ذلك دليلٌ على صحة تأويل من تأوله بمعنى الاعتذار؛ لأن القوم الذين وُصفوا بذلك لم يكلفوا أمرًا عَذَّرُوا فيه وإنما كانوا فرقتين: إما مجتهد طائع وإما منافق فاسقٌ، لأمر الله مخالف. فليس في الفريقين موصوفٌ بالتعذير في الشخوص مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو مُعَذِّرٌ مبالغٌ، أو معتَذِر. فإذا كان ذلك كذلك، وكانت الحجة من القرأة مجمعة على تشديد "الذال" من "المعذرين"، عُلم أن معناه ما وصفناه من التأويل"(١).
• {إِنَّ المُصَدِّقينَ والمُصَدِّقاتِ}(٢) قراءة في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}(٣). [التاج: صدق].
ذكر الزبيدي قوله تعالى:{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ}؛ ولأن المعنى في الآية يحتمل أن يكون من التَّصَدُّقِ ومن التَّصْدِيقِ فقد تعددت القراءات فيها على وجوه ثلاثة فقراءة الجمهور:{إنّ المُصَّدِّقينَ والمُصَّدِّقات}(٤) فأصله المُتَصَدّقين والمُتَصَدِّقات قُلِبَت التّاءُ صاداً وأُدغِمَت في مثلِها ... وهم الذين يُعطون الصَّداقات. وعلى الأصل قرأ أبيّ بن كعب:"الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ"(٥) ... وقرأ ابن كثير، وأبو بكر، والمفضل، وأَبَّان، وأبو عمرو في رواية هارون: {إِنَّ
(١) جامع البيان: ١٤/ ٤١٨. (٢) هي قراءة ابن كثير وعاصم وابن محيصن والمفضل وهارون، انظر: جامع البيان للطبري: ٢٣/ ١٩٠، ومعالم التنزيل للبغوي: ٨/ ٣٨، والمحرر الوجيز لابن عطية: ١/ ٢٣٥، ومفاتيح الغيب للرازي: ٢٩/ ٢٠١، وجامع الأحكام للقرطبي: ١٧/ ٢٥٢، والحجة لابن خالويه: ٣٤٢، ومعجم القراءات لمختار: ٥/ ٦٣. (٣) الحديد: ١٨. (٤) انظر: معجم القراءات للخطيب: ٩/ ٣٤١. (٥) انظر قراءات الآية في: التيسير لأبي عمرو: ١٣٣، والعنوان للداني: ٣٣، والإتحاف: ٧٣١، معجم القراءات: ٥/ ٦٣.