فهم أصحابه الذين رباهم وزكاهم، وقد نهى عن سبهم فقال:«لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ»(١).
رابعًا: لأن سبهم طعن في الدين، وهدم لأصله، وإبطال للشريعة؛ لأنهم هم نقلة الدين، فإذا طعن فيهم انعدم النقل المأمون للدين، قال القرطبي رحمه الله:"فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رَبِّ العالمين، وأبطل شرائع المسلمين؛ قال الله تعالى:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أشداء عَلَى الْكُفَّارِ} الآية (٢). وقال تعالى:{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}(٣)، إلى غير ذلك من الآي التي تضمنت الثناء عليهم، والشهادةَ لهم بالصدق والفلاح؛ قال الله تعالى:{رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ}(٤) "(٥).
وأختم هذه المبحث ببعض أقوال العلماء في تكفير من سبّ الصحابة رضي الله عنهم:
قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "الذي يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا خليلاً" ٥/ ٨، رقم (٣٦٧٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب تحريم سب الصحابة - رضي الله عنهم - ٤/ ١٩٦٧، رقم (٢٥٤١)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وأخرجه أيضًا مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب تحريم سب الصحابة - رضي الله عنهم - ٤/ ١٩٦٧، رقم (٢٥٤٠)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٢) سورة الفتح، الآية:٢٩. (٣) سورة الفتح، الآية:١٨. (٤) سورة الأحزاب، الآية:٢٣. (٥) الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٢٩٧ ...