القرطبي. صاحب كتاب " العقد " في الأخبار والآداب.
سمع: بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح.
روى عنه: العائذي، وغيره. ولد سنة ست وأربعين ومائتين.
وكان أديب الأندلس وفصيحها. مدح ملوك الأندلس. وكان صدوقا ثقة، متصونا، دينا، رئيسا، وهو القائل:
الجسم في بلد، والروح في بلد … يا وحشة الروح، بل يا غربة الجسد
إن تبك عيناك لي يا من كلفت به … من رحمة فهما سهماك في كبدي (١)
وله قصائد زهديات نظمها في آخر أيامه، منها:
ألا إنما الدنيا غضارة أيكة … إذا اخضر منها جانب جف جانب
هي الدار ما الآمال إلا فجائع … عليها، ولا اللذات إلا مصائب
فكم سخنت بالأمس عين قريرة … وقرت عيون دمعها اليوم ساكب
فلا تكتحل عيناك فيها بعبرة … على ذاهب منها فإنك ذاهب (٢)
وله:
وحاملة راحا على راحة اليد … موردة تسعى بلون مورد
متى ما ترى الإبريق للكأس راكعا … تصل له من غير طهر وتسجد
على ياسمين كاللجين ونرجس … كأقراط در في قضيب زبرجد
بتلك وهذي فاله يومك كله … وعنها فسل لا تسأل الناس عن غد
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزود (٣)
وله:
يا ليلة ليس في ظلماتها نور … إلا وجوه تضاهيها الدنانير
حور سقتني كأس الموت أعينها … ماذا سقتنيه تلك الأعين الحور
إذا ابتسمن فدر الثغر منتظم … وإن نطقن فدر اللفظ منثور
(١) من الجذوة للحميدي.
(٢) كذلك.
(٣) البيت الأخير لطرفة بن العبد، من معلقته المشهورة، والأبيات في العقد الفريد ٥/ ٤٤٣.