هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة … وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائرا … فأفرطت في بري عجزت عن الشكر
فملان لا آتيك إلا معذرا … أزورك في الشهرين يوما وفي الشهر
فإن زدت في بري تزيدت جفوة … ولم نلتق حتى القيامة والحشر
فوصل إليه منه ثلاث مائة ألف درهم.
وعن العباس بن مجاشع قال: لما قدم ابن طاهر اعترضه دعبل فقال:
جئتك مستشفعا بلا سبب … إليك إلا بحرمة الأدب
فاقض ذمامي، فإنني رجل … غير ملح عليك في الطلب
فبعث إليه بعشرة آلاف درهم، وبهذين البيتين:
أعجلتنا فأتاك عاجل برنا … ولو انتظرت كثيره لم نقلل
فخذ القليل وكن كمن لم يسأل … ونكون نحن كأننا لم نفعل
وفيه يقول عوف بن ملحم:
يا ابن الذي دان له المشرقان … طرا وقد دان له المغربان
إن الثمانين وبلغتها … قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وبدلنني بالشطاط انحنا … وكنت كالصعدة تحت السنان
ولم تدع في لمستمتع … إلا لساني وبحسبي لسان
أدعو به الله وأثني على … فضل الأمير المصعبي الهجان
فقرباني بأبي أنتما … من وطني قبل اصفرار البنان
وقبل منعاي إلى نسوة … أوطانها حران فالرقمتان (١)
وقال أحمد بن يزيد السلمي: كنت مع ابن طاهر، فوقع على رقاع مرة، فبلغت صلاته ألفي ألف وسبع مائة ألف، فدعوت له وحسنت فعاله.
وروي نحوها بإسناد آخر.
وقال ابن خلكان (٢): كان ابن طاهر شهما نبيلا، عالي الهمة، ولي الدينور، فلما خرج بابك على خراسان بعث لها المأمون عبد الله، فسار إليها في
(١) الأبيات في طبقات ابن المعتز ١٨٧ - ١٨٨.
(٢) وفيات الأعيان ٣/ ٨٣ - ٨٤.