عَنْهُ (١): كنتُ في مجلس القاضي الفاضل، فدخل فرُّوخ شاه، فجرى ذكر شرح بيت من " ديوان " المتنبي، فذكرت شيئًا فأعجبه، فسأل القاضي عني، فَقَالَ: هَذَا العلّامة تاج الدين الكِنْدِيّ، فنهض فرُّوخ شاه، وأخذ بيدي، وأخرجني معه إلى منزله، ودام اتصالي بِهِ. قَالَ: وَكَانَ الملك المعظَّم يقرأ عَلَيْهِ دائمًا؛ قرأ عَلَيْهِ " كتاب " سِيبَوَيْه نصًّا وشَرحًا، وكتاب " الحماسة "، وكتاب " الإيضاح " وشيئًا كثيرًا، وَكَانَ يأتي من القلعة ماشيًا إلى دار تاج الدين بدرب العَجَم والمجلَّد تحت إبطه.
وحكى ابن خَلِّكان (٢) أَنَّ الكِندي قَالَ: كنتُ قاعدًا عَلَى باب أَبِي محمد ابن الخَشَّاب النَّحْوِيّ؛ وقد خرجَ من عنده أَبُو الْقَاسِم الزَّمخشري وَهُوَ يمشي في جاون خَشَب لأن إحدى رجليه كانت سقطت من الثلج.
ومن شعر الكِندي:
دعِ المُنّجمَ يكبو في ضَلالته … إن ادّعى عِلم ما يجري بِهِ الفَلَكُ
تفرّد الله بالعِلم القديم فلا ال … إنسان يشركُه فيهِ ولا الملَكُ
أعدّ للرزقِ من إشراكه شركًا … وبئستِ العُدّتان: الشِّرك والشَّرْكُ
(١) كان صاحب ديوان الجيوش المصرية، قال أبو شامة: وكان أعلم من رأيت بأخبار الناس. (ذيل الروضتين ٩٥). (٢) وفيات الأعيان ٢/ ٣٤٠. (٣) في وفيات ابن خلكان: "فلما أتاني ما تمنيت … ".