يكاد أن يسلم أمر وارد في نص قرآن، أو سنة من تناقضهم فيه، وتحكمهم بالباطل" (١).
ومن الأمثلة على هذا الضرب: قول المصنف: "وأوجبوا السعي بين الصفا والمروة فرضا بأمر ورد فيهما، وتركوا له قول الله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}. وهذه ألفاظ مسقطة لوجوب الطواف بهما، وأسقطوا وجوب العمرة، وَقَدْ قال تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. . .}" (٢).
الثالث: اعتراضهم في تناقضهم بالقول بدليل الخطاب (٣) وتركه، قال المؤلف: "ومثل هذا لهم كثير" (٤).
ومن الأمثلة التي أوردها المؤلف في هذا الضرب: قول الحنفية في تفسير قوله تعالى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}، قالوا ما عدا المسفوح ليس حراما. قال المؤلف: وخالفوا بذلك قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}(٥). ويرى المؤلف وجوب التزام بنصوص الله تعالى في كتابه، وعلى لسان رسوله التزاما واحدا، والعمل بكل شرع زائد،
(١) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٨١). (٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٧٩). (٣) يعرف ابن حزم دليل الخطاب بقوله: "أن يحكم للمسكوت عنه بخلاف حكم المنصوص عليه". وانظر: الإحكام (ج ١/ ص ٤٥). (٤) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٨٣). (٥) الإعراب عن الحيرة والالتباس (ج ١/ ل ٨٢).