قال ابن كثير:(ت ٧٧٤ هـ)" وقوله تعالى. . . {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: ١٤١] قيل معناها: لا تسرفوا في الإعطاء، فتعطوا فوق المعروف، وقال أبو العالية: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا ثم تباروا فيه وأسرفوا فأنزل الله:. . {وَلَا تُسْرِفُوا}[الأنعام: ١٤١] وقال ابن جريج نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جذ نخلا له، فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليس له ثمرة، فأنزل الله. . . {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: ١٤١] رواه ابن جرير عنه، وقال ابن جريج عن عطاء: نهوا عن السرف في كل شيء، وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله فهو سرف، وقال السدي في قوله. . . {وَلَا تُسْرِفُوا}[الأنعام: ١٤١] فقال: لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء. وقال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب: لا تمنعوا الصدقة فتعصوا ربكم "(١) .
قال أبو بكر بن العربي (ت ٥٤٣ هـ) : " الإسراف: تعدي الحد. فنهاهم عن تعدي الحلال إلى الحرام، وقيل: ألا يزيدوا على قدر الحاجة، وقد اختلف فيه (٣) على قولين: فقيل هو حرام، وقيل هو مكروه وهو الأصح، فإن قدر الشبع يختلف باختلاف البلدان والأزمان والأسنان والطعمان. . . "(٤) .
قلت: وترجيح ابن العربي كراهة الإسراف في الأكل والشرب عن قدر الحاجة، ليس على إطلاقه، بل ربما كان في ذلك ضرر على النفس
(١) تفسير القرآن العظيم ٢ / ١٨٩. دار المعرفة. الطبعة الثانية ١٤٠٧ هـ. (٢) الأعراف: ٣١. (٣) أي فيما زاد عن الحاجة. (٤) أحكام القرآن / ٧٨١ تحقيق علي محمد البجاوي. دار الفكر.