وقد بين عز وجل صفاته صلى الله عليه وسلم الكاملة في التوراة والإنجيل، فقال عز وجل:. . . {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[الأعراف: ١٥٦ - ١٥٧](١).
ومع هذه الأوصاف العظيمة التي كانوا يعرفونها مكتوبة عندهم، أنكروا نبوته صلى الله عليه وسلم، وكتموا ما علموه (٢).
النوع الثالث: إخفاء الحق: الإخفاء قريب من الكتمان (٣) وقد كان أهل الكتاب يخفون من أحكام التوراة الشيء الكثير، قال تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة: ١٥](٤).
(١) سورة الأعراف، الآيتان ١٥٦، ١٥٧. (٢) انظر الأمثلة من نصوص التوراة التي بينت صفات النبي صلى الله عليه وسلم واضحة جلية، ولكن اليهود كتموا ذلك، في: الملل والأهواء والنحل لابن حزم ١/ ٢٠١ - ٣٢٩، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ٣/ ٢٩٩ - ٣٣٢، وهداية الحيارى لابن القيم ص ٥٢٢ - ٥٨٠، وإغاثة اللهفان لابن القيم ٢/ ٣٥١ - ٣٦٣، وإظهار الحق لرحمة الله الهندي ١/ ٣٣٥ - ٥٠٨. (٣) انظر: هداية الحيارى لابن القيم ص ٥٢٤، ويمكن أن يقال الفرق بين الكتمان والإخفاء: بأن الكتمان هو ما كتموه من أوصاف النبي وأمته حقدا وكراهة، والإخفاء هو إخفاء كل ما فيه خزي لهم ومخالفة، والله أعلم. انظر: التوراة دراسة وتحليل لمحمد شلبي ص ٨٠. (٤) سورة المائدة، الآية ١٥.