فيما للدعاة على أنفسهم من واجبات يفوق خطورة التقصير فيما للمجتمع عليهم من حقوق. . . فالدعاة إلى الله ينبغي أن يكونوا قدوة حسنة للمجتمع الذي يعيشون فيه، تبدو في حياتهم آثار الرسالة التي يدعون إليها (١) .
وقد أنكر الله - جل وعلا - على أولئك الذين يعظون الناس ولا يتعظون، وينهونهم ولا ينتهون، فقال تعالى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[البقرة: ٤٤](٢) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف: ٢ - ٣](٣) .
إن على الدعاة أن يترسموا خطى الدعوة في كل شأن من شئونهم في أقوالهم وأفعالهم في حياتهم الخاصة والعامة. . . في أنفسهم كأفراد، وفي بيوتهم كأزواج وآباء. . . وهذا ما يؤكد عليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول:" من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تهذيبه لسيرته قبل تهذيبه بلسانه، فمعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم "(٤) . وهل يجني الذين يقولون ما لا يفعلون. . . ويعظون ولا يتعظون ويرشدون ولا
(١) بتصرف: مشكلات الدعوة والداعية، مصدر سابق، ص ٦٦ - ص ٧٠. (٢) سورة البقرة، الآية ٤٤. (٣) سورة الصف، الآيتان ٢ - ٣. (٤) مشكلات الدعوة والداعية، مصدر سابق، ص ٦٩.