وحديث أبي هُرَيْرَةَ أن النبي ﷺ قال: "لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ" (٢).
وحديث أُسَامَةَ بن زَيْدٍ أن النبي ﷺ قال: "إِنَّ الله لَا يَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ" (٣).
وفي الحديث تَرْغِيبٌ ظَاهِرٌ في صلة الرَّحِمِ، وَتَرْهِيبٌ من الْقَطِيعَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ: بِالْهَدِيَّةِ إلى الأقارب وَالزِّيَارَةِ وَالاِسْتِزَارَةِ، والقيام بِالْأَشْغَالِ السَّانِحَةِ، وَبِقَضَاءِ الحاجات، وَبِالْإِعَانَةِ فيها، وَبِالمُكَاتَبَةِ عند الْغَيْبَةِ ونخوها، وَقَطْعُ الرَّحِمِ بِأَضدادِهَا.
وقوله: "شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ" يجوز أن يقال: معناه أنَّ بين لفظتي الرحمن والرحم اشْتِبَاكًا وَتَقَارُبًا في الاِشْتِقَاقِ على ما اشْتُهِرَ في الْخَبَرِ عن رسول الله ﷺ أن الله تعالى قال: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ" وَيُرْوَي: "اشْتقَقْتُ لها من اسمي فمن وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ ومن قَطَعَهَا بَتَتُّهُ" (٤) وَفَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بأن الرحمن وَالرَّحِمَ مُشْتَقَّانِ من الرَّحْمَةِ؛ فقال الله تعالى: "أَنَا الرَّحْمَنُ" لأن رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شيء "وَهِيَ الرَّحِمُ" لأن صِلَتَهَا تُوجِبُ الرَّحْمَةَ، فمن رَاعَي حَقَّ الرَّحِمِ أَكْثَرْتُ خَيْرَهُ، ومن أَغْفَلَهُ حَرَمْتُهُ الْخَيْرَ.
(١) رواه البخاري (٧٣٧٦)، ومسلم (٢٣١٩/ ٦٦). (٢) رواه أبو داود (٤٩٤٢)، والترمذي (١٩٢٣)، وابن حبان (٤٦٦)، والحاكم (٤/ ٢٧٧). قال الترمذي: حسن، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٧٤٦٧). (٣) رواه البخاري (٥٦٥٥) ضمن حديث. (٤) رواه أبو داود (١٦٩٤)، والترمذي (١٩٠٧) وابن حبان (٤٤٣)، والحاكم (٤/ ١٧٤) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وقال الترمذي: حديث صحيح.