والفروع، حتى لم يكن في زمانه أفقه ولا أورع ولا أزهد ولا أتبع للسنة منه. وكان من الجبال التي لا ترتقى ذروتها، ولا ينال سنامها، ومن أكابر السلف وأعلامها، غزير الفضل، كامل العقل، شديد التثبت، حسن السمت، إماما في جميع الفنون الدينية، معرضا عن الدنيا وأهلها، هينا لينا شجاعا مهيبا، متواضعا محبا للطلبة والمساكين، حسن الخلق والخلق، جوادا سخيا كثير العبادة والتضرع والدعاء، كان النور يخرج من وجهه. عن الدنيا ما كان أصبره، وبالسلف ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه; اختصه الله بنصر دينه، والقيام بحفظ سنته، ورضيه لإقامة حجته، قام مقام نبوة، واشتهر ذكره وانتشر، وأجمع على إمامته في الدين أهل نجد والأمصار، وشاع صيته في الأقطار وشمائله.
وما قال الأئمة في مدحه كثير، قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن مانع رحمه الله:
بعيد عن الأدناس ناء عن الكبر ... أشد لدى هتك الحدود من النمر
وأسقى غراس العلم في سائرالعمر ... وفي بحثه التوحيد نادرة العصر
وكل فنون العلم أربى على البحر ... فلا يبعدنك الله من شيخ طاعة
قوي بأمر الله شهم مهذب ... تجرد للتدريس والحفظ دائبا
ففي الفقه والتفسير بحر غطمطم ... وفي النحو والتأصيل قد صار آية